محسن غبن مديرالمنتدى
عدد المساهمات : 102 تاريخ الميلاد : 01/08/1990 تاريخ التسجيل : 08/07/2009 العمر : 34 الموقع : www.mohsenfone.info العمل/الترفيه : مهندس الالتكرونيات المزاج : عالى
| موضوع: السياسة عند فيلسوف الاجتماع ابن خلدون الأحد سبتمبر 06, 2009 9:53 am | |
| السياسة عند فيلسوف الاجتماع ابن خلدون:ولا بد لنا هنا أن نُعرِّج على رأي فيلسوف الاجتماع، بل مؤسس علم الاجتماع في الحقيقة: عبد الرحمن بن خلدون (ت808هـ)، الذي أثبته في مقدمته، وهو أثر الدِّين عند العرب في إقامة المُلك وتثبيته، مع سوء رأيه في العرب، وأنهم أقرب إلى التَّوحش منهم إلى العمران والحضارة[7]، ومع هذا قرَّر: أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصفة دينية، من نبوة أو ولاية (لله) أو أثر عظيم من الدِّين على الجملة.قال: (والسبب في ذلك: أنهم لخُلُق التَّوحش الذي فيهم، أصعبُ الأمم انقيادًا بعضهم لبعض للغلظة والأَنَفَة، وبُعد الهمَّة والمنافسة في الرِّياسة؛ فقلَّما تجتمع أهواؤهم. فإذا كان الدِّين بالنبوة أو الولاية (أي الولاية لله بالتقوى)، كان الوازع لهم من أنفسهم، وذهب خُلُق الكِبر والمنافسة منهم، فسهُل انقيادهم واجتماعهم، وذلك بما يشملهم من الدِّين المُذْهِب للغِلظة والأَنَفَة، والوازع عن التَّحاسد والتَّنافس. فإذا كان فيهم النَّبي أو الوَلِي الذي يبعثهم على القيام بأمر الله، ويُذهب عنهم مذمومات الأخلاق ويأخذهم بمحمودها، ويؤلِّف كلمتهم لإظهار الحق، تمَّ اجتماعهم، وحصل لهم التَّغلب والمُلك. وهم مع ذلك أسرع الناس قَبولا للحق والهُدى لسلامة طباعهم من عِوَج المَلَكات، وبراءتها من ذميم الأخلاق، إلا ما كان من خُلُق التَّوحش القريب المعاناة، المُتهيِّئ لقَبول الخير، ببقائه على الفطرة الأولى، وبُعده عمَّا ينطبع في النفوس من قبيح العوائد وسوء المَلَكات فإن كل مولود يولد على الفطرة[8]، كما ورد في الحديث)[9].كما عقد ابن خلدون فصلا أكَّد فيه: أن الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة العصبية التي كانت لها من عددها. قال: (والسبب في ذلك -كما قدمناه: أن الصبغة الدِّينية تذهب بالتَّنافس والتَّحاسد الذي في أهل العصبية، وتُفرد الوجهة إلى الحق. فإذا حصل لهم الاستبصار في أمرهم: لم يقف لهم شيء؛ لأن الوجهة واحدة، والمطلوب متساوٍ عندهم، وهم مستميتون عليه، وأهل الدَّولة التي هم طالبوها -إن كانوا أضعافهم- فأغراضهم متباينة بالباطل، وتخاذلهم لِتَقيَّة الموت حاصل، فلا يُقاومونهم وإن كانوا أكثر منهم، بل يغلبون عليهم، ويُعاجلهم الفناء بما فيهم من الترف والذُّل كما قدمناه.وهذا كما وقع للعرب صدر الإسلام في الفتوحات. فكانت جيوش المسلمين بالقادسية واليرموك بضعة وثلاثين ألفا في كل معسكر، وجموع فارس مائة وعشرين ألفا بالقادسية، وجموع هِرَقل -على ما قاله الواقدي- أربعمائة ألف! فلم يقف للعرب أحد من الجانبين، وهزموهم وغلبوهم على ما بأيديهم.واعتبرْ ذلك أيضا في دولة لَمْتُونة ودولة الموحدين. فقد كان بالمغرب من القبائل كثير ممَّن يقاومهم في العدد والعصبية أو يَشِف[10] عليهم، إلا أن الاجتماع الدِّيني (عند الموحدين) ضاعف قوة عصبيتهم بالاستبصار والاستماتة كما قلناه، فلم يقف لهم شيء)[11].شغل ابن خلدون بالسياسة الواقعية، ولم يحلق وراء الطوبويات كجمهورية أفلاطون أو مدينة الفارابي، وعني باكتشاف القوانين الطبيعية التي تحكم الأمم والمجتمعات، والتي سماها (طبائع العمران)، فهو أبو علم (العمران السياسي) أو علم (الاجتماع السياسي)، وهو باعتراف الغربيين أنفسهم أول من كتب في هذا العلم، حتى ذكر الشيخ رفاعة الطهطاوي في كتابه (تخليص الإبريز إلى تلخيص باريز) أنه سمع العلماء في فرنسا حين إقامته في النصف الأول من القرن التاسع عشر يدعون ابن خلدون (منتسكيو الشرق أو الإسلام) ويسمون منتسكيو (ابن خلدون الفرنج)، ولا غرو أن أُطلق عليه: رائد علم الاجتماع السياسي الحديث[12].[1]- كان المسلمون قديما يعبرون عن الفلسفة بالحكمة، وعن الفلاسفة بالحكماء، وقد قالوا: الفلسفة معناها: حب الحكمة، ولهذا ألَّف الفارابي كتابا يوفق فيه بين آراء الحكيمين: أفلاطون وأرسطو.[2]- انظر: علم السياسة: د. حسن صعب دار العلم للملايين بيروت صـ84 وما بعدها. [3]- انظر: ما كتبته (موسوعة العلوم السياسية) الكويتية عن هؤلاء الثلاثة: الفارابي وابن سينا وابن رشد في الفقرات: 122 صـ180 – 182، و123 صـ182 – 184، 136 صـ204 – 207، وانظر: علم السياسة لحسن صعب صـ84- 87.[4]- انظر: تهذيب الأخلاق صـ129 من منشورات مكتبة الحياة. بيروت. طبعة ثانية، ويلاحظ أن عبارة أزدشير: قد اقتبسها الإمام الغزالي وأودعها كتابه إحياء علوم الدين (1/17) طبعة دار المعرفة. بيروت. [5]- رواه البخاري معلقا بصيغة الجزم في العلم باب الاغتباط في العلم والحكمة عن عمر موقوفا، وابن أبي شيبة في المصنف كتاب الأدب (5/284)، والدارمي في المقدمة (250)، والبيهقي في الشعب (2/253). [6]- انظر: (الذريعة إلى مكارم الشريعة) للراغب الأصفهاني بتحقيق د. أبو اليزيد العجمي صـ92، 93 طبعة دار الوفاء. مصر.[7]- يرى البحَّاثة الكبير د. علي عبد الواحد وافي رحمه الله في تحقيقه للمقدمة، وتقديمه لها: أن المراد بالعرب عند ابن خلدون، هم: البدو، ودلَّل على ذلك من أقوال ابن خلدون نفسه في المقدمة، فليراجع. المقدمة طبعة دار البيان العربي. [8]- إشارة إلى حديث: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه، كما تَنْتِجُون البهيمة، هل تجدون فيها من جدعاء؟ ..."، وقد رواه البخاري في القدر (6599) عن أبي هريرة، ومسلم في القدر (2658)، وأحمد في المسند (8179)، والترمذي في القدر (2138)، وأبو داود في السنة (4714). [9]- مقدمة ابن خلدون صـ160 طبع مؤسسة الرسالة ناشرون. دمشق – بيروت. [10]- يشفُّ: يزيد (القاموس المحيط: صـ1066): شَفَفَ. [11]- المقدمة صـ167. [12]- انظر: علم السياسة لحسن صعب صـ87 – 90. | |
|